الفرقة التي يحذر منها وبيان أثرها
يقول رحمه الله: ولكن المقصود هنا أن الافتراق شر -ولا شك في ذلك- ولا بد من الحرص على الاجتماع، ومن أصول هذا الدين أن يجتمع المؤمنون به وألا يتفرقوا، ولهذا حذرهم الله تبارك وتعالى: (( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ))[آل عمران:105]، وقال عز وجل: (( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ))[الأنعام:159]، فهؤلاء أهل الكتاب وأكثر الأمم في الدنيا هذا حالهم، إذ إنهم فرقوا دينهم وأصبحوا كما ذكر الله تبارك وتعالى شيعاً وأحزاباً، وكل حزب بما لديهم فرحون، وأصبحوا طوائف وأمماً كل أمة تلعن أختها وتضللها وتكفرها وتبدعها، وهذا من أعظم أسباب الفشل والوهن وضياع ودمار الأمة أياً كانت ومهما كانت قوتها. فإذا تفرقت فاعلم أن ذلك بداية ضياعها ودمارها، وهذه سنة الله كما تشهد لها الآيات والأحاديث، ويشهد لها الواقع، فمثلاً ما كان يسمى بـالاتحاد السوفيتي عندما كان مكوناً من عدة جمهوريات وأعراق وعنصريات ومذاهب دينية مختلفة، فبدأ فيه التفكك ولم يبق له وجود، وانتهى ما يسمى الاتحاد السوفيتي ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحل بـأمريكا مثل ذلك وأعظم إنه سميع مجيب، وعليه إذا بدأ التفرق في أمة فلا شك أنه بداية لنهايتها ولزوالها بإذن الله تبارك وتعالى. وأما هذه الأمة فهي مأمورة بأن تعتصم بحبل الله جميعاً ولا تتفرق، وهذا مما رضيه الله تبارك وتعالى لها، جاء في الحديث الصحيح: (وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرقوا)، وهذه إحدى الثلاث التي رضيها الله تبارك وتعالى لنا، وهي مطلوبة ولا بد منها، ومهما كان المسلمون أمة واحدة ويداً واحدةً كان ذلك أجدر أن ينالوا ما وعدهم الله تبارك وتعالى به من المجد والعزة والتمكين، وكان ذلك أخوف وأوقع في قلوب أعدائهم، ولذا يحرص أعداؤهم على بذر الفرقة والشقاق فيما بينهم، سواء الفرقة العقدية الدينية أو غيرها، ولهذا كثير من الفرق قديماً وحديثاً تنشأ أو تؤيد من قبل أعداء الله، كالطائفة القاديانية التي أنشأها الإنجليز ويؤيدونها إلى الآن، وكثير من الفرق التي في أمريكا ، والباطنية أيضاً التي وراءها اليهود بأيادٍ خفية، مع أن الباطنيين القدامى لهم أصول وجذور يهودية كما هو موضح في كتب التاريخ، فهناك حقائق تاريخية أن أعداء الإسلام حريصون كل الحرص على بذر الفرقة بين المسلمين.